المشاركات

مراجعة رواية( إيناس ) للدكتور إياد قنيبي

  مراجعة رواية( إيناس ) للدكتور إياد قنيبي في هذه الرواية الإجتماعية المشوقة يتناول الدكتور والداعية إياد قنيبي حفظه الله تعالى عدد من القضايا الإيمانية و الإجتماعية التي يعيشها شباب المجتمع المسلم والعربي، الذي تتقاذفه أمواج من الفتن و الشبهات والشهوات ما ظهر منها وما بطن، ومن هذه القضايا: قضية التمسك بالعقيدة و الأخلاق الإسلامية و إنجاز مشاريع نافعة للفرد و المجتمع المسلم في ظل كل هذه التحديات الخطيرة التي تعصف بالقناعات و المثل العليا. تبقى رواية ( إيناس) تجربة أدبية ودعوية موفقة تستحق الثناء و التشجيع و المحاكاة، فلا ريب أن الرواية باتت جنسا أدبيا عمت به البلوى وأقبل عليه الشباب بنهم كبير، وحولها أدباء الفكر المنحرف إلى وعاء فكري يصبون فيه ما يشائون من أفكار منحرفة، فجعلوا مبلغ همهم تصوير العوارات وتأليف قصص المغامرات الجنسية المسعورة بذريعة تصوير واقع الناس، دون أدنى مراعاة ولا احترام لقيم المجتمع الذي يعيشون بين ظهرانيه، وغضوا أبصارهم وأمسكوا أقلامهم عن المشاكل الحقيقية للمجتمع، وكل وعاء بما فيه ينضح، فأصبح من الحكمة و من الضرورة إستغلال هذا النوع الأدبي لصالح الدعوة إل...

لذات القراءة

صورة
  أحدثكم عن شيء أسميته لذات القراءة.. الحمد لله الذي لا يحمد على شيء سواه. كقارئ مغرم بالنظر في الكتب صغيرها و كبيرها حتى أكل و أمل ثم أعود سريعا كأنني ما كللت ولا مللت، فما عرفت لذة أعظم في هذه الدنيا غير لذة النظر في كتب العلم و الأدب ما خلا لذة العبادة، فتلك لذة أخرى وكبرى لايعرفها إلا الصالحون العارفون بالله وبدينه.   كم مرة أقول لنفسي: لقد كذب العشاق ولو صدقوا إن لم يكابدوا عشق الكتب، لكني سرعان ما أخجل من نفسي وأعاتبها عتابا شديدا وأذكرها بالكثير الذي أجهله، فتنطفأ شرارة غرورها، قبل أن تكون لهيبا يهلكني من حيث لا أدري ولا أشعر. ولقد حاولت غير ما مرة أن أستريح وأريح ، بأن أدع الكتب وشأنها فلا أنظر فيها ولا أقربها ولا أقترب منها فلم أفلح ولم أجد إلى الصبر عنها سبيلا، ولم أهتدي إلى الإبتعاد عنها كثيرا أو قليلا حيلة، فآثرت الإستسلام وأيقنت أن الهوى غلاب وأني مغلوب ولا فائدة من مقاومة ما لا طاقة لقلبي المتيم به، و علمت أن ذلك عشق تملك قلبي وهيام إحتل جوارحي ويأبى أن يمنحها إستقلالا مشروطا أو غير مشروط، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ولو خيرت بين الكتب وبين بعض اللذ...

ذكريات الطفولة الجميلة

صورة
ذكريات الطفولة الجميلة  ذات يوم فرح طفل بالعيد الكبير  ما إن نرجع إلى بيتنا الطيني من مصلى العيد حتى نخلع عنا عباءات وجلاليب العيد، ونلبس للعمل ما تيسر من لباس بال، والويل لمن غاب أو تأخر، وأما الواقف بلا حركة فهو الأظلم، ولولا حرمة الزمان لناله من رب البيت لطمة كافية لتذكره بالواجب الموسمي، ثم يتكلف كل منا بعمل يساعد به الوالد على نحر الأضحية، فننتشر في زوايا البيت، كما يدخل النمل مساكنه، فهذان يمكسان الكبش ويحضرانه إلى وسط البيت على الأرض الجرداء، واحد يدفعه من قوائمه الخلفية و ثان يجره من الأمامية أو من قرنين ملتويان كأنهما حية عظيمة تسعى. و بينما يتردد صياحه العالي في الأرجاء يحضر ثالث السكين المشحوذة بالأمس بحجر صلد و قليل من الماء، يختبرها الوالد كفائتها وجودتها بنشر شيء من ظفر أصبعه، و رابع يحضر حبلا مفتولا وطويلا لتعليق الذبيحة على عمود السلخ، و خامس يحضر سطل ماء لغسل أحشاء الخروف، وسادس يحضر منفاخا لنفخ جلد الخروف حتى يسهل عزل بطانته عن جلده بلا لحم ولا شحم.   لا شيء يسلم من جسم الخروف إلا قرون الكبش و فضلاته، وربما لو وجدنا سبيلا إلى الإنتفاع بها ...

رسالة تلميذ إلى معلمه

  رسالة تلميذ إلى معلمه  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أستاذي العظيم أشكرك جزيل الشكر على كل حرف علمتني إياه، فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله. أستاذي العزيز شكر الله لك وأحسن إليك كما أحسنت إلينا يوم أن أحسنت إلينا بأن علمتنا من العلم ما علمت وما تعلمت. أستاذي العزيز،  أشكرك جزيل الشكر وإن كنت لن أوفيك حقك، فالله هو الذي يعطي كل ذي حق حقه ولا يظلم أحدا. أستاذي العزيز، لقد كنت بحق أبونا  الثاني، وكنا لك أبناء، ويومئد  لم يك لك أبناء، فربيتنا على الإحترام والتقدير وغير ذلك من محاسن الأخلاق، بل علمتنا أكثر مما علمنا آبائنا، فنجحت في الجمع بين مسؤوليتين جسيمتين: الأبوة والتعليم. أستاذي العزيز،  ما نحن عليه اليوم إنما هو بعد فضل الله علينا بفضل جهودك، وما هو إلا حسنات من حسناتك وثمار من أشجار غرسك وإجتهادك، فمن جد وجد ومن زرع حصد. لقد كنت بصدق، ذلك  الأستاذا الجاد المجتهد، الذي  يقف يشرح درسه، لا يجلس حتى يفهم  أول تلميذ و آخر تلميذ، فالمعلم كالرسول يحمل رسالة ولا يستريح حتى يؤدي الرسالة التي عليه. ولا يذكرني جدك واجتهادك إلا بذلك البستاني الحكي...

مغالطات التنمية الذاتية

مغالطات التنمية الذاتية  خطابات التنمية الذاتية  هي خطابات لتحفيز الناس على التغيير و السعي وراء النجاح، و التحفيز على التغيير و طلب النجاح عمل محمود ومطلوب لا حرج فيه، ولكن المشكلة في  تحفيز الناس عن طريق بيع الوهم و الأساطير و التلاعب بالعقول،  و تقديم العلم الزائف  للحالمين بالنجاح السهل و السريع، وذلك عن طريق الدورات التكوينية المكثفة، التي تكون فرصة ذهبية  لممارسة أنواع مختلفة  من المغالطات المنطقية منها على سبيل الذكر:  *المغالطة الأولى:  تضخيم جانب التفكير الإيجابي على حساب جانب العمل، و ذلك باعتبار أنه  أصل كل نجاح، وأنه لا نجاح للإنسان في شيء إلا بالتفكير الإيجابي، و ذلك بالإفراط في التفائل و الغرق في التفكير السطحي السادج البعيد عن معطيات الواقع السياسي و الإجتماعي و الثقافي وغير ذلك، فيدعي دعاة التنمية البشرية أن   التفكير الإيجابي وحده يكفي الإنسان المتفائل الواثق في نفسه لجلب السعادة و النجاح و تحقيق كل آماله وأحلامه، ولا تدرك الأماني بالتمني، بل بالصبر و العمل الجاد، وقبل بالثقة في الله و إتخاذ الأسباب المناسبة و ...

شراء الخبز بالشعر

  شراء الخبز بالشعر كان من  شعراء العرب قديما من يتكتسب من شعره، بمدحه للأمراء وأهل الوجاهة، وكان منهم شاعر فقير معدم خاو الجيوب لا يجد ما يسد به رمق عياله الجياع، لا أذكر إسمه ولا إسم الأمير الذي كان يغشى مجلسه ، والفقر عدو لدود لمكارم الأخلاق، قد يدفع الإنسان إلى بيع ما لا يباع،  لذلك كان كثيرا ما يختلف إلى مجالس الأمراء فينشدهم أبياتا من الشعر، طمعا في عطاء جزيل أو هزيل يشتري به خبزا لصغاره. أنشد هذا الشاعر يوما أميرا أبياتا أطربت الحاضرين وأعجبتهم، فجعلوا يثنون عليه بالألفاظ فقط، والرجل ينتظر عطاء، وهم يقولون: أحسنت، أحسنت. فلما يئس منهم، قال غاضبا ساخطا: يقولون أحسنت، أحسنت، وما ب( أحسنت) يشترى الخبز. فلعل التجارة بالأدب قديمة قدم الجوع نفسه.

ذكريات طفل صائم

                  الصيام الأول                              ذكريات طفل صائم أيقظتني أمي الحبيبة في الثالثة ليلا لتناول وجبة السحور، بعد أن ألححت عليها في السؤال أن توقظني وقت السحور، فقمت فغسلت يدي ووجهي، وجلست أنا وإخوتي على زربية قروية تقليدية نسجتها أمي من قطع الملابس البالية الممزقة، تحلقنا حول المائدة الخشبية المستديرة والصغيرة، التي وضعت عليها صينية عليها إبريق شاي كبير ساخن حوله كؤوس زجاجية صغيرة وبجانب هذه الصينية صحن خزفي رسمت عليه صورة طاووس،  وعليع خبز بلدي ساخن مبلل بزيت الزيتون، مطهو في مقلات طينية على نار هادئة وقودها روث الأغنام و جدور النباتات الجافة، قبل أذان الفجر بساعتين أو ثلاث. كنا نأكل كسرة الخبز ثم  نشرب بعدها جرعة من  الشاي الساخن، و كانت أمي تتكلف بالمهمة الصعبة التي يخشاها الجميع ألا وهي صب الشاي  في الكؤووس وتمريرها على الجالسين أثناء تناول الطعام،  بينما نستمع لدروس تفسير سورة البقرة في مذياع والدي العزيز، دروس جميلة...